للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قبول الفتوى، إذ لو فتح هذا الباب لم يقبل حكم القاضي ولا شهادة الشهود ولا غير ذلك.

أما أدلة النهي عن التقليد: فإن سلمت حملت على ما يعارض نصا صريحا أو قاعدة شرعية عامة والله أعلم.

نظرة إلى ما ورد عن السلف من نهي عن التقليد:

إن الناظر في بعض كتب السلف رحمهم الله وما ورد عنهم من آثار، يجد أن فيها حملة شديدة على التقليد، ودعوة إلى نبذه والبعد عنه، سواء في ذلك الأئمة الأربعة، أو حتى غيرهم من كبار الصحابة والتابعين، ومن ذلك مثلا: ما روي عن ابن مسعود من قوله: (ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا إن آمن آمن وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر)، ومنه ما روي عن ربيعة أنه بكى، فلما سئل: ما يبكيك؟ قال: (رياء ظاهر، وشهوة خفية، والناس عند علمائهم كالصبيان في حجور أمهاتهم، ما نهوهم عنه انتهوا، وما أمروا به ائتمروا)، ومنها قول عبيد الله بن المعتز: (لا فرق بين بهيمة تقاد وإنسان يقلد) (١)

وقول الشافعي: (إنه لا يلزم قول رجل إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم)، وقول مالك: (ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك)، وقول أبي حنيفة: (لا يحل لأحد يأخذ بقولنا حتى يعلم


(١) انظر جامع بيان العلم لابن عبد البر (٢/ ١١٤).