للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أين أخذناه)، وقول الإمام أحمد: (لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا) (١) وغير ذلك مما ورد عن السلف رحمهم الله.

إن من يقولون بمنع التقليد اتخذوا من هذه الأقوال حجة قوية لمنع التقليد ولزوم الاجتهاد، ولا ريب في خطأ هذا الصنيع، لأن هذه النصوص ونحوها لا يمكن أن يقصد بها سوى غير العامة من طلاب العلم الذين لهم يد في الخوض في مسائل العلم، ولقد أراحنا الإمام ابن عبد البر رحمه الله في هذا المقام حيث قال بعد أن ساق نصوصا عديدة عن الأئمة: (وهذا كله لغير العامة، فإن العامة لا بد لها من تقليد علمائها عند النازلة، لأنها لا تتبين موقع الحجة، ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها، وأنهم المرادون بقول الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٢) (٣) وقد طرد ابن عبد البر حكم العامة حتى شمل من عجز عن الوصول إلى الحكم من طلاب العلم، قال: (فإن اضطر أحد إلى استعمال شيء من ذلك في خاصة نفسه جاز له ما يجوز للعامة من


(١) انظر: المذهبية المتعصبة هي البدعة لمحمد عيد عباسي (٥٥، ٥٦).
(٢) سورة النحل الآية ٤٣
(٣) جامع البيان (٢/ ١١٤، ١١٥).