والجواب عن هذا أن المقلد سواء قلد معينا أو لم يقلد معينا، فهو إنما يتبع غير معصوم، لكن لما دل الدليل على أن المجتهد يجب عليه العمل بما أداه إليه اجتهاده، وإن خالفه غيره، كان على المقلد أن يتبعه ولو كان غير معصوم؛ لأن هذا طريقه لمعرفة الأحكام.
وهل المقلد إذا تنقل بين المفتين ولم يلتزم واحدا منهم يسلم من الخطأ ويجلب له هذا الصنيع العصمة التي لم تثبت إلا للمرسلين عليهم الصلاة والسلام؟.
وقد جبلت النفوس على اتباع وتقليد من تثق به وتطمئن له ولا ريب أن العامي لا يدري هل أصاب هذا العالم الحق في المسألة أو لا؟، لكنه إنما اتبعه لثقته فيه لا لاعتقاد عصمته.
٣ - استدلوا بأن فعل الصحابة والسلف الصالح في القرون المفضلة هو عدم الالتزام، فثبت أن الالتزام غير جائز. (١)
وأجيب عن هذا بأن المروي خلافه، فقد قال ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين: (والدين والفقه انتشر في الأمة عن أصحاب ابن مسعود وأصحاب زيد بن ثابت وأصحاب عبد الله بن عمر وأصحاب عبد الله بن عباس، فعلم عامة الناس عن أصحاب هؤلاء الأربعة، فأما أهل المدينة فعلمهم عن أصحاب زيد بن ثابت وعبد الله