للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحابة هم أهل اللسان وقد عقلوا أن شرابهم ذلك خمر إذ لم يكن لهم شراب ذلك الوقت بالمدينة غيره. وقد قال الحكمي:

لنا خمر وليست خمر كرم ... ولكن من نتاج الباسقات

كرام في السماء ذهبن طولا ... وفات ثمارها أيدي الجناة

ومن الدليل الواضح على ذلك ما رواه النسائي، أخبرنا القاسم ابن زكريا، أخبرنا عبيد الله عن شيبان، عن الأعمى، عن محارب بن دثار، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الزبيب والتمر هو الخمر (١)». وثبت بالنقل الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وحسبك به عالما باللسان والشرع - خطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها الناس ألا إنه قد نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي خمسة: العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل ".

وإذا ثبت هذا بطل مذهب أبي حنيفة والكوفيين القائلين بأن الخمر لا تكون إلا من العنب، وما كان غيره لا يسمى خمرا، ولا يتناوله اسم الخمر، وإنما يسمى نبيذا. اهـ.

أدلة الحنفية على مذهبهم:

استدلوا على ما ذهبوا إليه بالقرآن والأثر وإجماع أهل اللغة والمعقول، أما القرآن فاستدلوا بقوله تعالى: {قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} (٢) قالوا: فدل على أن الخمر هو ما يعصر لا ما ينبذ.

أما استدلالهم من الأثر فقد استدلوا بما أخرجه عبد الرزاق بسند جيد عن ابن عمر قال: " أما الخمر فحرام لا سبيل إليها، وأما ما عداها من الأشربة فكل مسكر حرام " وبما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر أنه قال: " لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء ".


(١) صحيح البخاري الأشربة (٥٦٠١)، صحيح مسلم الأشربة (١٩٨٦)، سنن الترمذي الأشربة (١٨٧٦)، سنن النسائي الأشربة (٥٥٤٦)، سنن أبو داود الأشربة (٣٧٠٣)، سنن ابن ماجه الأشربة (٣٣٩٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٦٣).
(٢) سورة يوسف الآية ٣٦