ويمكن أن يجاب عن هذا القياس: بأنه قياس لا يستقيم، حيث إن بين المقيس والمقيس عليه فروقا كثيرة؛ فإن الحكم بالسفر تترتب عليه كثير من الأحكام التي يتطلبها السفر وما فيه من مشقة ومكابدة وعمل، بينما التجارة قد تكون بمجرد تبيين النية وذلك بعرض هذه السلعة من الأرض أو غيرها للبيع، فاشتراط العمل مع نية التجارة يختلف عن اشتراط السفر لنية السفر.
ثم إن نية التجارة شرط لوجوب الزكاة في العروض، أما نية السفر فليست شرطا لحقيقة السفر، بل الشرط وجود السفر ولو لم ينوه.
٢ - قالوا: ولأنه ما لم يكن للزكاة من أصله لم يصر للزكاة بمجرد النية، فالنية لا تنقل عن الأصل، كالمعلوفة إذا نوى إسامتها (١)
ويمكن أن يجاب عن هذا القياس: بالفرق أيضا، فإن النية في إسامة المعلوفة ما لم يكن هناك إسامة لا تغير من واقع المعلوفة شيئا، لكن نية التجارة في العرض تغير العرض من القنية والانتفاع إلى الرغبة في البيع والاستثمار، ولكل عمل ما يناسبه، فمجرد نية التجارة مع العرض للسلعة والرغبة في بيعها يثبت حكم التجارة، وتجعل العرض تجاريا بدلا من كونه مستهلكا أو منتفعا به.