للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل هذا هو صريح الشرك الأكبر المضاد للتوحيد، وهو الذي بعثت الرسل لردع أممهم عنه، إذ كان هو حال أهل الجاهلية الجهلاء، بل إن حال هؤلاء المنتسبين إلى الإسلام والتوحيد أردى، فإنهم لا يخلصون العبادة لله بحال أبدا لا في رخاء ولا شدة، أما أهل الجاهلية فكانوا كما شهد الله لهم يخلصون العبادة لله وحده إخلاصا تاما في حال الشدة فلا يتوجهون إلا إليه قال الله: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (١)، وقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (٢) ومع كون حال هؤلاء المنتسبين إلى التوحيد على حال أهل الجاهلية سواء بسواء بل وأسوأ إلا أنهم يتبرؤون بألسنتهم من الشرك وأهله، ويدعون التوحيد جازمين جزما عنيدا، ويزعمون أنهم لم يعبدوا إلا الله، ولم يتخذوا معه آلهة كأولئك المشركين، فإنهم يقولون: لا إله إلا الله، وأولئك لا يقولونها، وأولئك يعتقدون في الجمادات ويتخذون الأصنام، ونحن لا نتوجه إلى صنم ولم نتخذ أصناما، ونحن نوحد الله في خلقه وإيجاده، وأولئك


(١) سورة العنكبوت الآية ٦٥
(٢) سورة يونس الآية ٢٢