يكونون لأن يعلموا أنه لا فرق بين حجر ولا شجر ولا بشر في وقوع الشرك بصرف العبادة إليه من دون الله، فالجهة المستحقة للعبادة هي الله وحده بلا جنس شركة مع غيره قليلة كانت أو كثيرة، فالعبادة حقه لا يستحقها إلا هو، ويتساوى كل شيء غيره في عدم استحقاق العبادة أو شيء منها وإن تفاوتت أجناسه وأنواعه وصفاته، وأن يعلموا أن أهل الجاهلية كانوا يعبدون الأحجار والأشجار والجن والإنس والملائكة والشمس والقمر فلم يصحح الله ورسوله عبادة نوع دون نوع، وهم أحوج ما يكونون لأن يعلموا أنه لا فرق بين العبادات في وجوب إخلاصها لله فلا تصرف لغيره فكما أنه لا تكون الصلاة إلا إليه ولا يكون الصيام إلا له ولا يكون الحج إلا له فكذلك لا يكون الدعاء إلا له ولا الذبح إلا له ولا النذر إلا له، وأن يعلموا أن أهل الجاهلية كانوا يؤدون من الشعائر الظاهرة ما يخلصونه لله، فقد كانوا يؤدون الحج لله، يشدون له الرحال ويؤدون مناسكه التي بقيت من شرعة إبراهيم عليه السلام لله، ويعظمون البيت لله، ومع هذا لم يقبل الله منهم ذلك مع شركهم به في العبادات الباقيات، بل وأرسل إليهم الرسول، وأنزل فيهم كلامه يعلن براءته منهم ويسجل عليهم اسم الشرك ووصفه وجنسه.
والذين يعتقدون التوحيد على الوجه الذي وصفنا وبينا الحاجة معه إلى دراسة التوحيد تصحيح العلم به فريقان، فريق متدين بذلك يسلكه ويؤديه، وفريق يعتقده ويظنه هو التوحيد والديانة ولكنه معرض عنه يأنف