منه يراه طقوسا بالية تليق بالعوام والبسطاء ولا تليق به، وهؤلاء هم الموسومون بالمثقفين، وهؤلاء لما كانت نظرتهم إلى الأمر على هذا النحو ألحقوا حتى الفرائض الظاهرة بالترك، فهم لا يصلون ولا يصومون ملحقين الصلاة والصوم بالأعمال الشركية التي يؤديها الناس جاعلين الباب واحدا فالجميع طقوس دينية يقبل عليها العامة والبسطاء، وهؤلاء في حاجة أيضا إلى معرفة التوحيد ودراسته لتصحيح علمهم وعملهم.
وإذا تركت هذا الجانب المظلم من الجهل المطبق بالتوحيد، والتفت إلى ما عليه المسلمون في تطبيقهم للتوحيد في سلوكهم العام، ظهرت لك جوانب عديدة يبدو فيها الجهل بمفهوم التوحيد بينا ظاهرا يعلن الحاجة الماسة لدراسة التوحيد، يبدو لك التطير ضاربا أوتاده يخيم على سلوك الناس، فهذا ينسب ضيق رزق يومه لتصبحه بكذا وكذا، والآخر ينسب سعة رزق يومه لتصبحه بكذا وكذا، وهذا يمضيه في شأنه رؤيته لكذا، والآخر يرده عن شأنه رؤيته لكذا، وهذا يتفاءل باللون الفلاني والعدد الفلاني واليوم الفلاني والشهر الفلاني، والآخر يتشاءم من اللون الفلاني والعدد الفلاني واليوم الفلاني والشهر الفلاني، ويبدو لك التعلق بالتمائم والأحراز، والاعتقاد في القلائد والأساور والخواتم على أشكالها المعينة، وألوانها المعينة، ومواضع تقلدها، ونحو ذلك من التفاصيل المدعاة لإشاعة التعلق بهذه العقائد واصطناع الهيبة لها.