للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السماء، وأول ذنب في الأرض، ثم لا ننسى عاقبة الباغي في الدنيا كما سبق في الحديث

فالرسول - صلى الله عليه وسلم – يحذر من الحسد بلفظ: «إياكم والحسد (١)» لأنه قلق النفس من رؤية النعمة على الغير، وهو اعتراض على الحق ومعاندة له، ومحاولة لنقص ما فعله وإزالة فضله عما أهله له، ومن ثم قال: «فإن الحسد يأكل الحسنات (٢)» أي يذهبها ويحرقها ويمحو أثرها «كما تأكل النار الحطب (٣)» أي اليابس لأنه يفضي بصاحبه إلى اغتياب المحسود وشتمه، وقد يتلف ماله أو يسعى في سفك دمه وكل ذلك مظالم يقتص منها في الآخرة ويذهب في عوض ذلك حسنات.

قال الغزالي الحاسد جمع لنفسه بين عذابين؛ لأن حسده على نعمة الدنيا وكان معذبا بالحسد، وما قنع بذلك حتى أضاف إليه عذابا في الآخرة، فقصد محسوده، فأصاب نفسه وأهدى إليه حسناته، فهو صديقه وعدو نفسه، وربما كان حسده سبب انتشار فضل محسوده، فقد قيل:

وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف طيب نشر العود

(٤)


(١) سنن أبي داود الأدب (٤٩٠٣).
(٢) سنن أبي داود الأدب (٤٩٠٣).
(٣) سنن أبي داود الأدب (٤٩٠٣).
(٤) البيت لأبي تمام، أورده العجلوني في الكشف: ١/ ٤٣١، وانظر: مرآة الجنان اليافعي: ٢/ ١٢٧.