للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في النهاية (١) «الرؤيا على رجل طائر، ما لم تعبر (٢)» أي لا يستقر تأويلها حتى تعبر، يريد أنها سريعة السقوط إذا عبرت، كما أن الطير لا يستقر في أكثر أحواله، فكيف ما يكون على رجله؟ ومنه الحديث: «الرؤيا لأول عابر (٣)» «وهي على رجل طائر (٤)» .. أراد على رجل قدر جار وقضاء ماض من خير أو شر «والرؤيا لأول عابر (٥)» يعبرها أي أنها إذا احتملت تأويلين أو أكثر فعبرها من يعرف عبارتها وقعت على ما أولها وانتفى عنها غيره من التأويل، وقال السيوطي: والمراد أن الرؤيا هي التي يعبرها المعبر الأول، فكأنها كانت على رجل طائر، فسقطت ووقعت حيث عبرت، وأحسبه أي النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أي لا تعرض رؤياك إلا على واد) بتشديد الدال أي محب لأنه لا يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب، أو ذي رأي، أي: عاقل أو عالم، قال الزجاج: معناه ذو علم بعبارة الرؤيا، فإنه يخبرك بحقيقة تفسيرها أو بأقرب ما يعلم منه (٦) وقال الألباني: (والحديث صريح بأن الرؤيا تقع على مثل ما تعبر، ولذلك أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نقصها إلا على ناصح أو عالم؛ لأن المفروض فيهما أن يختارا أحسن المعاني في تأويلها فتقع على وفق ذلك، لكن مما لا ريب فيه أن ذلك


(١) في غريب الحديث
(٢) سنن الترمذي الرؤيا (٢٢٧٨)، سنن أبي داود الأدب (٥٠٢٠)، سنن ابن ماجه تعبير الرؤيا (٣٩١٤)، مسند أحمد (٤/ ١٠)، سنن الدارمي الرؤيا (٢١٤٨).
(٣) أخرجه ابن ماجه: ٢/ ١٢٨٨، وأبو يعلى في مسنده: ٧/ ١٥٨، وقال ابن حجر في فتح الباري: ١٢/ ٤٣٢: (هو حديث ضعيف، فيه يزيد الرقاشي، ولكن له شاهد أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه بسند حسن، وصححه الحاكم عن أبي رزين رفعه).
(٤) سنن الترمذي الرؤيا (٢٢٧٩)، سنن أبي داود الأدب (٥٠٢٠)، سنن ابن ماجه تعبير الرؤيا (٣٩١٤)، مسند أحمد (٤/ ١٢، ٤/ ١٣)، سنن الدارمي الرؤيا (٢١٤٨).
(٥) سنن ابن ماجه تعبير الرؤيا (٣٩١٥).
(٦) انظر: عون المعبود الطيب آبادي: ١٢/ ٢٤٨.