للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سهل عليه فصبره عنه من أيسر شيء وأسهله، ومن اشتد داعيه إلى ذلك وسهل عليه فعله فصبره عنه أشق شيء عليه، ولهذا كان صبر السلطان عن الظلم، وصبر الشباب عن الفاحشة، وصبر الغني عن تناول اللذات والشهوات، منزلتهم عند الله منزلة عظيمة عالية منيعة لا يصل إليها إلا من صبر مثل صبرهم، وكذلك من صبر على موت أولاده وأبويه وأقاربه وأصحابه ونحوهم وهو مع ذلك صابر محتسب يأمر أهله بالصبر وينهاهم عن لطم الخدود وشق الجيوب وعن كلام ما لا يجوز لهم شرعا، فهذا له من الثواب الجزيل والأجر العظيم ما لا يعلمه إلا الله .... ولهذا روى الإمام أحمد في مسنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عجب ربك من شاب ليست له صبوة (١)» وفي الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه (٢)»

ولذلك استحق هؤلاء السبعة أن يظلهم في ظله لكمال صبرهم


(١) مسند الإمام أحمد /مسند الشاميين: حديث عقبة بن عامر الجهني /١٧٣٧ (حسن لغيره: المسند بتحقيق الأرناؤوط: ٢٨/ ٦٠٠).
(٢) صحيح البخاري /كتاب الأذان: باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد /٦٢٠، وصحيح مسلم /كتاب الزكاة: باب فضل إخفاء الصدقة /١٧١٢.