للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا، حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد (١)»

وعلى هذا فالتيسير في الفتوى يكون إما في الأخذ برخص الشرع الثابتة بأدلتها، مثل المسح على الخفين، وأكل الميتة للمضطر، وإما بالاستمتاع بالطيبات والزينة التي أباحها الله، وإما في أعمال التطوع بألا يفعل ما يشق على نفسه كما في حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ الأنف ذكره، أو بالنهي عما يشق على الآخرين مما لو فعله منفردا لم ينه عنه ـ كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء (٢)» وإما في النهي عن مجاوزة المشروع مثل النهي عن التبتل، وإما في الأحكام التي فيها تخيير بما يناسب المستفتي (٣) مثل: التخيير في فدية الأذى من قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (٤) بأن يدل المفتي المستفتي على ما هو أرفق به منها.


(١) متفق عليه، فقد أخرجه البخاري واللفظ له ١/ ٣٨٦، كتاب الكسوف، باب ما يكره من التشديد في العبادة، وأخرجه مسلم ١/ ٥٤١، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد أو يقعد حتى يذهب عنه ذلك.
(٢) متفق عليه، فقد أخرجه البخاري واللفظ له ١/ ٢٤٨، كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء، وأخرجه مسلم ١/ ٣٤٠، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام.
(٣) مباحث في أحكام الفتوى ٦٩.
(٤) سورة البقرة الآية ١٩٦