ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة:«تقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة»، فقال:«فيه تقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة؛ لأن في بقاء أبي ذر بالمدينة مصلحة كبيرة من بث علمه في طالب العلم، ومع ذلك فرجح عند عثمان دفع ما يتوقع من المفسدة من الأخذ بمذهبه الشديد في هذه المسألة، ولم يأمره بعد ذلك بالرجوع عنه؛ لأن كلا منهما كان مجتهدا»(١)
ووجه ما ذكره الحافظ – رحمه الله – ظاهر وهو أن عثمان - رضي الله عنه - رغب من أبي ذر - رضي الله عنه - أن يتنحى عن المدينة؛ لئلا يحصل ببقائه فتنة بين الناس؛ بسبب رأيه في مسألة الكنز، حيث كان أبو ذر - رضي الله عنه - يرى وجوب بذل ما زاد عن الكفاية وإنفاقه في سبيل الله، مع العلم أن الآية الكريمة قد جاء بيانها في الحديث النبوي، وهو أن المال الذي أديت زكاته فليس بكنز، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه - يعني بشدقيه – يقول: أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية