للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: الإيمان محله القلب واللسان والجوارح، ولكنه فعل كل واجب وترك كل محرم، ويذهب الإيمان كله بترك الواجب أو فعل المحرم، كالخوارج والمعتزلة.

والحق أن كل طاعة هي شعبة من الإيمان أو جزء منه، والإيمان يكمل باستكمال شعبه وينقص بنقصها. ولكن منها ما يذهب الإيمان كله بذهابه، ومنها ما ينقص بذهابه، كما دلت على ذلك النصوص، واتفق عليه سلف الأمة.

- ومن ذلك: تقريره – رحمه الله – لمذهب أهل السنة والجماعة في مرتكب المعصية والكبيرة ما لم يستحلها، وأنه عاص وناقص الإيمان، ولكن لا يكفر بذلك كفرا أكبر، يقول – رحمه الله -: «ارتكاب الكبائر كالزنى وشرب الخمر وقتل النفس بغير حق وأكل الربا والغيبة والنميمة وغير ذلك من الكبائر يؤثر في توحيد الله وفي الإيمان ويضعفه، ويكون ضعيف الإيمان، لكن لا يكفر بذلك. . . إذا كان لم يستحل هذه المعصية» (١)

ويدل على هذا القول أن الله تعالى شرع تأديب أهل المعاصي وتعزيرهم بإقامة الحدود عليهم، كحد الزنى وحد السرقة، ولو كان الزنى ردة لوجب قتله، وكذا السارق لا يقتل بل تقطع يده، فدل ذلك على أن هذه المعاصي ونحوها ليست ردة ولا كفرا، ولكنها ضعف في الإيمان ونقص فيه


(١) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (٧/ ٤٠).