للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}، وقوله: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}، يعني: معرفة ربوبيته.

وقد جاء في الأثر: يقول الله تعالى: " خلقت خلقي حنفاء مقرّين " يعني عرفاء عرفوه بوحدانيته، وأقروا له بمعرفة ربوبيته، وإنما جحدوا معرفة التوحيد الذي تعبَّدهم بها على ألسنة السفراء، وهو قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}.

وقول صاحب الشرع: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله» (١)، لم يقل: حتى يقولوا: إن لهم ربًّا، إذ هم عارفون بذلك. وإنما أمرتهم الرسل أن يصلوا معرفة التوحيد بمعرفة الربوبية والوحدانية فأبوا، وقَبِل ذلك الموحدون، فقال في حال المؤمنين: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}، وقال في حال الكفار: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}.

ثم قال: " فهذه المعرفة ضرورة للعارف موجودة فيه، كوجود ضرورة المقعد وقعوده موجود فيه، فهو سبحانه المعروف الذي لا


(١) صحيح البخاري الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (٧٢٨٥)، صحيح مسلم الْإِيمَانِ (٢٠)، سنن الترمذي الْإِيمَانِ (٢٦٠٧)، سنن النسائي تَحْرِيمِ الدَّمِ (٣٩٧٥)، سنن أبي داود الزَّكَاةِ (١٥٥٦)، مسند أحمد (٢/ ٥٢٩).