ينكره شيء، والمعلوم الذي لا يجهله شيء، فمن كانت معه معرفتان فهو كافر، وبالمعرفة الثالثة يصح الإيمان، وهو الفصل الثالث: وهي معرفة التوحيد التي دعت الرسل إليها، وبعثوا بها، وكُلفنا قبولها، وهي قوله:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}، وهو قوله:{لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}، وأخبرنا أنه ما كان معذبا قبل بعثتهم، فكانوا يعرفون أن لهم ربًّا وإلهًا، ولكنهم ينكرون توحيد الإله وبعث رسله وشرائع دينه، وبه وقع منهم الكفر.
فوجود ذلك منهم يزيل عنهم معرفة التوحيد، ولا يزيل ضرورتهم، وهذه المعرفة وجبت بالتوقيف، وهي ما وقفتنا الرسل عليه، ودلنا عليه سبحانه، ووفقنا لذلك، وبها يجب الخلود في الجنة، وبعدمها يجب الخلود في النار " (١)
وقال أيضًا: " ألا ترى أنه لم يقع من الكفار التعجب والإنكار من
(١) أصول السنة والتوحيد، للشيخ أبو محمد ابن عبد البصري، وهو كتاب مفقود وقد نقلت نص عبارته بواسطة كتاب درء تعارض العقل والنقل: (٨/ ٥٠٩ - ٥١٢)، وقد وصفه ابن تيمية بأن طريقته طريقة أبي الحسن ابن سالم، وأبي طالب المكي وأمثالهما من المنتسبين إلى السنة والمعرفة والتصوف واتباع السلف وأئمة السنة والحديث.