للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتلخص من ذلك أن المنصوص عند الحنفية جواز القراءة والكتابة بغير العربية للعاجز عنها بالشروط المار ذكرها، وأن الأحوط أن يكتبه بالعربية ثم يكتب تفسير كل حرف وترجمته بغيرها كالإنكليزية) اه.

(المنار): عندنا مسألتان إحداهما ترجمة القرآن إلى لغة أعجمية أي التعبير عن معانيه بألفاظ أعجمية يفهمها الأعجمي دون العربي وهذه هي التي سألنا عنها الفاصل الروسي ونشرنا السؤال والجواب في هذا الجزء. والثانية كتابة القرآن العربي بحروف غير عربية وهذه هي التي يسأل عنها السائل الترنفالي، وقد رأى القراء أن جواب المجيب عنها مضطرب والنقول التي نقلها مضطربة لذلك رأينا أن ننقله ونحرر القول في المسألة تحريرا.

المقصود من الكتابة أداء الكلام بالقراءة فإذا كانت الحروف الأعجمية التي يراد كتابة القرآن بها لا تغني غناء الحروف العربية لنقصها كحروف اللغة الإنكليزية فلا شك أنه يمتنع كتابة القرآن بها، لما فيها من تحريف كلمه، ومن رضي بتغيير كلام القرآن اختيارا فهو كافر. وإذا كان الأعجمي الداخل في الإسلام لا يستقيم لسانه بلفظ محمد فينطق بها (مهمد) وبلفظ خاتم النبيين فيقول (كاتم النبيين) فالواجب أن يجتهد بتمرين لسانه حتى يستقيم، وإذا كتبنا له أمثال هذه الكلمات بحروف لغته فقرأها كما ذكر فلن يستقيم لسانه أبد الدهر، ولو أجاز المسلمون هذا للرومان والفرس والقبط والبربر والإفرنج وغيرهم من الشعوب التي دخلت في الإسلام لعلة العجز لكان لنا اليوم أنواع من القرآن كثيرة، ولكان كل شعب من المسلمين لا يفهم قرآن الشعب الآخر.

وإذا كانت الحروف الأعجمية التي يراد كتابة القرآن بها مما تتأدى بها القراءة على وجهها من غير تحريف ولا تبديل كحروف اللغة الفارسية مثلا، ففي المسألة تفصيل والذي نقطع به بأن الكتابة بخطها لا تكون إخلالا بأصل الدين ولا تلاعبا به، وإن هو خالف الخط العربي فالفرق بين الخط العربي المعروف والخط الكوفي أبعد من الفرق بين الخطين العربي والفارسي ونرى علماء المذاهب متفقين على هذه الخطوط كلها ولكنهم يعتقدونها عربية. وإذا قيل إنها مختلفة اختلافا لا يكفي لمتعلم أحدها أن يقرأ الآخر كالكوفي والفارسي: نقول قصارى ما يدل عليه ذلك أن كل خط جائز بشرطه ولكن عندنا ما يدل على أنه ينبغي الاتفاق على خط واحد، فهم المسلمون هذا من روح الإسلام، فكانوا متحدين في كل عصر على كتابة القرآن بخط واحد يتبع فيه رسم