للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصحف الإمام لا يتعدى إلا إلى زيادة في التحسين والإتقان. ذلك من آيات حفظ الله له وهو عندي واجب، فإن القرآن هو الصلة العامة بين المسلمين، والعروة الوثقى التي يستمسك بها جميع المؤمنين، ومن التفريط فيه أن يفد المسلم القارئ على مصر قادما من الصين فلا يستطيع قراءة مصاحفها وكذا يقال في سائر الشعوب. وتصريح كثير من الأئمة بأن خط المصحف توقيفي وأنه لا يجوز التصرف فيه يؤيد ما ذهبنا إليه.

ولقائل أن يقول: إن في هذا الرأي تضييقا على نشر القرآن. وتوسيع دائرة الدعوة إلى الإسلام، وإننا نرى النصارى قد ترجموا أناجيلهم إلى كل لغة، وكتبوها بكل قلم، حتى إنهم ترجموا بعضها بلغة البرابرة. فما بال المسلمين يضيقون، وغيرهم يتوسعون، ولنا أن نقول في الجواب: إننا جوزنا ترجمة القرآن لأجل الدعوة عند الحاجة إلى ذلك ولا شك أن الترجمة تكتب باللغة التي هي بها. ولكن المسلم الذي يقرأ القرآن بالعربية لا يحتاج إلى كتابته بحروف أعجمية إلا في حالة واحدة وهي تسهيل تعليم العربية على أهل اللسان الأعجمي الذي يدخلون في الإسلام وهم قارئون كاتبون بحروف ليست من جنس الحروف العربية.

وإذا وجد للإسلام دعاة يعملون بجد ونظام كالدعاة من النصارى فلهم أن يعملوا بقواعد الضرورات ككونها تبيح المحظورات وكونها تقدر بقدرها فإذا رأوا أنه لا ذريعة إلى نشر القرآن واللغة العربية إلا بكتابة الكلام العربي بحروف لغة القوم الذين يدعونهم إلى الإسلام ويدخلونهم فيه فليكتبوه ما داموا في حاجة إليه، ثم ليجتهدوا في تعليم من يحسن إسلامهم الخط العربي بعد ذلك ليقووا رابطتهم بسائر المسلمين.

وكما يعتبر هذا القائل بترجمة القوم لكتهبم فليعتبر بحرص الأمم الحية منهم على لغاتهم وخطوطهم. فاللغة الإنكليزية أكثر اللغات شذوذا في كلمها وخطها ونرى أهلها يحاولون أن يجعلوها لغة جميع العالمين وهم يبذلون في ذلك العناية العظيمة والأموال الكثيرة فمالنا لا نعتبر بهذا؟

وفي جواب الشيخ بخيت مباحث ليس من غرضنا التوسع فيها، ونكتفي بأن نقول إن ما يصح أن ينظر فيه من نقوله هو ما ذكره عن السلف، فأثر سلمان إن أريد به أنه كتب لهم ترجمة الفاتحة بلغة الفرس فكيف يكون ذلك وسيلة للين ألسنتهم، وهم لم يقرءوا إلا