للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مظهر من مظاهر القنوط من رحمة الله سبحانه وتعالى يعتري فئة ليست قليلة من الناس كما قال عز وجل: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}، قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: " يخبر – تعالى – عن طبيعة أكثر الناس في حالي الرخاء والشدة أنهم إذا أذاقهم الله منه رحمة من صحة، وغنى، ونصر ونحو ذلك فرحوا بذلك فرح بطر لا فرح شكر، وتبجح بنعمة الله {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي: حال تسوؤهم وذلك {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من المعاصي. {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} ييأسون من زوال ذلك الفقر، والمرض، ونحوه " (١)، ومنه قوله سبحانه وتعالى: {لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} فهذا " إخبار عن طبيعة الإنسان من حيث هو، وعدم صبره وجلده، لا على الخير، ولا على الشر، إلا من نقله الله من هذه الحال، إلى حال الكمال، فقال: {لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} أي: لا يمل دائمًا، من دعاء الله، بالفوز، والمال، والولد، وغير ذلك، من مطالب الدنيا. ولا يزال يعمل على


(١) تيسير الكريم الرحمن ص٦٤٢. ') ">