للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلق كلهم يموتون فليس في قتل الشهداء مصيبة زائدة على ما هو معتاد لبني آدم .... ، وأما الأصل الثاني: فإن التنعيم إما بالأمور الدنيوية، وإما بالأمور الدينية. فأما الدنيوية فهي الحسية مثل الأكل، والشرب، والنكاح واللباس .... فالمؤمن والكافر والمنافق مشتركون في جنسها .... ، وأما الدين: فجماعه شيئان تصديق الخبر، وطاعة الأمر، ومعلوم أن التنعم بالخبر بحسب شرفه وصدقه، والمؤمن معه من الخبر الصادق عن الله وعن مخلوقاته ما ليس مع غيره فهو من أعظم الناس نعيمًا بذلك، بخلاف من يَكْثُر في أخبارهم الكذب، وأما طاعة الأمر فإن من كان ما يؤمر به صلاحًا وعدلاً ونافعًا يكون تنعمه به أعظم من تنعم من يؤمر بما ليس بصلاح ولا عدل ولا نافع. وهذا من الفرق بين الحق والباطل فإن الله سبحانه يقول في كتابه: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (٢) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ}. (١)


(١) جامع الرسائل ٢/ ٣٣٥ – ٣٤١. ') ">