للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليعملوا بموجبه (١)

لكن ربما تكون الدار خالية، أو يكون فيها أهلها ولم يردُّوا على المستأذن لسبب ما فيصدق على المستأذن أنه لم يجد أحدًا: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ}، وهو إشارة لطيفة إلى عدم الإذن، وردٌّ غير صريح، وهذا اعتذار ضمني، وقد يكون الاعتذار صريحًا ولذا قال تعالى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ}، وهو تصريح بعدم الإذن، أي: إن لم يأذن لكم أهلها بالدخول فعليكم الرجوع دون غضاضة أو اتهام لأهل الدار بالإساءة إليكم أو النَّفْرة منكم، ولما كان ذلك قد يوقع في النفس شيئًا أو يجلب الكراهة في قلوب الناس بين أن الرجوع أزكى، أي: أطهر وأفضل من التدنس بالمشاحة على الدخول، لما كان في ذلك من سلامة الصدر والبعد من الريبة والفرار من الدناءة، وهو أطهر للسيئات وأنمى للحسنات (٢).

وعليه فالآية تنهى عن الدخول في حالتين: حالة الاعتذار الضمني، وحالة الاعتذار الصريح، فلا يحل لأحد أن يدخل بيت غيره دون إذن صاحبه، لأن للبيوت حرمة، ولأن الاستئذان إنما شرع


(١) انظر: فتح القدير (٤/ ٢٠)، التفسير المنير (١٨/ ٢٠٣). ') ">
(٢) انظر: إرشاد العقل السليم (٤/ ١٠٨)، تفسير سورة النور للمودودي (ص١٤٨). ') ">