فأمر بضرب الخُمُر على الجيوب فقال:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، وهو أن يسدلن جلابيبهن وأرديتهن على رؤوسهن ووجوههن وصدورهن، والجُيُوب جمع جيب بفتح الجيم وهو طوق القميص مما يلي الرقبة.
وأصل الضرب تمكين الوضع، أي: ليشددن وضع الخمر على الجيوب بحيث لا يظهر من الجسد شيء كضرب الخيمة في المكان، وهذا يفيد كمال الاستتار والاحتجاب.
والباء في قوله تعالى:{بِخُمُرِهِنَّ}، للإلصاق، مبالغة في إحكام وضع الخمر على الجيوب زيادة على المبالغة المستفادة من فعل الضرب (١)
وإذا كانت المرأة المسلمة مأمورة أن تضرب بخمارها على جيبها لستر نحرها وصدرها فإنها مأمورة بستر وجهها من باب أولى، لأنه أصل الزينة والجمال.
ثم كرر النهي عن إبداء الزينة زيادة في التقرير والتأكيد على أهمية التستر والاحتجاب عن الرجال الأجانب، وليترتب عليه من يحل لهم الإبداء، فاستثنى من ذلك اثنتي عشرة صورة يجوز أن تبدي المرأة زينتها لهم، وذلك لانتفاء العلة وهي خشية الفتنة، ولأن الشهوة
(١) انظر: البحر المحيط (٦/ ٤٤٨)، إرشاد العقل السليم (٤/ ١١٠)، التحرير والتنوير (١٨/ ٢٠٨). ') ">