للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجهها، لأن إحرامها في وجهها مع أن عائشة رضي الله عنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع، وقد فرض الحجاب، تقول: «كنا نكشف وجوهنا، فإذا حاذانا الرجال سدلنا الخمار على الوجوه، وإذا تجاوزونا كشفنا .. » (١) و (نا) الجمع تعني نفسها ومن معها من النساء في حجة الوداع.

أو أنها لما تتبلّغ بفرض الحجاب إلا بعد هذه الحادثة لأنها، قادمة من البادية.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ولما كانت النظرة، داعية إلى فساد القلب، كما قال بعض السلف: النظر سهم سمّ إلى القلب .. ولذلك أمر الله بحفظ الفروج، كما أمر بحفظ الأبصار، التي هي بواعث إلى ذلك، وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنا، كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}.

وتارة يكون بحفظه من النظر إليه كما في الحديث: «احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك» (٢) وتارة بحفظه عن المحارم، كما تقدم في حديث علي رضي الله عنه بصرفه.

{ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}: أي أطهر لقلوبهم وأتقى لدينهم، لما قيل: من حفظ بصره أورثه الله نورًا في بصيرته، وجاء في الحديث عن النبي


(١) سنن أبو داود المناسك (١٨٣٣)، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٣٥)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٠).
(٢) رواه الإمام أحمد في مسنده عن معاوية بن حيدة، (٥: ٣، ٤)، ط الأولى ١٤٠٩ هـ.