حقيقتها، ولا يَصْدُقُ عليه أنه أتى بركعةٍ إلا إذا أتى بها كاملةً؛ لأنَّ مُسَمَّى الركعة هو القيامُ والقراءةُ، أو تحمُّل الإمامِ عند من يراه مجزيًا، إلى آخر سجود منها، فلا يصدق على اللاحق أنه أدرك ركعة من صلاته إلا إذا أتى بها على هذه الصفة؛ ضرورةَ أنَّ هذا مُسمَّاها و ((أدرك)) بمعنى لحق، مثل: أدركتُ زيدًا، إذا أدركتَه لحظةً من الزمان، وكان يصدُق هذا على من لحق الإمام ساجدًا آخر سجدةٍ مثلاً، إلا أنه مَنَعَ عنه حديثُ أبي داود:«إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعتدُّوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة»(١) إلا أنه يقدح في عدّ هذا لاحقًا أمران:
(الأول): أنه خلاف ما فَهِمَه عنه الناس كافة منه؛ فإنهم لو فهموا منه أنَّ المراد ركعةٌ من صلاةِ اللاَّحق حقيقةً، لقال مَنْ أوجب الفاتحةَ - وهم (الفرق الثلاث) -: أنه لا بُدَّ لِلاَّحق في الاعتداد بالركعة أن يدرك الإمام، ويقرأ الفاتحة، ثم يشاركه في الركوع. ولم يقل هذا منهم أحدٌ، ولقال من لا يُوجِبُها - وهم الزيدية والحنفية -: إنه لا بدَّ مِنْ أَنْ يدرك من قيامِ الإمامِ قَدْرَ ما يتحمَّل عنه فيه القراءة؛ ضرورةَ أنَّ ذلك - أي القيام - من مسمَّى الركعة، ولم يقولوا بذلك، بل قالوا بخلافه.
(الثاني): أنَّ لفظ ((أدرك)) إذ استُعْمِل وله مفعول، كأدركتُ سنةً مع زيد، فُهِمَ منه مشاركته لزيد ومصاحبته له في السنة كلِّها، كما هو مفاد