للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: يدل لتفقُّهه ما في آخر الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم-: «زادك الله حرصًا ولا تعد» (١). وفي رواية أبي داود: «أنه دخل المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- راكعٌ فركعتُ دون الصفِّ، ثم مشيت إلى الصف، فلما قضى رسولُ الله صلاته، قال: ((أيُّكم الذي ركع دون الصفِّ ثم مشى إلى الصفِّ؟ قلت: أنا يا رسولَ الله. قال: زادك الله حرصًا ولا تعد» (٢) فإنه ظاهر أنه اعتدَّ بها ولم يُؤْمَر بإعادتها، ولا يمكن أنه قرأ الفاتحة فيها. وأما قوله: «ولا تعد» (٣) فهو نهيٌ عن الدُّخول في الصلاة قَبْلَ بلوغِ الصفِّ كما نادى به السياق وفهِمَه الناس وبوَّب له أئِمَّةُ الحديثِ.

ويؤيِّده أيضًا: «من أدرك الركوع من الركعة الأخرى يوم الجمعة فَلْيُضِفْ إليها أخرى» الحديثَ، فهو صريحٌ فيمن أدرك الركوع لا غير، وإن كان حديثًا ضعيفًا فهو شاهدٌ لِمَا أفادَهُ حديثُ أبي هُريرةَ.

ويدلُّ له أيضًا: حديثُ أبي داود؛ فإنَّ مُقَابَلةَ الركعة بالسجود ظاهرٌ في أنّ المرادَ بها الركوعُ لا الركعة.

وإذا عرفتَ هذه الإجمالات عرفتَ أنَّ الجمهور قد حملوا لفظ ركعة في حديث الشيخين، وفي حديث أبي داود، وفي حديث ابن خزيمة على حقيقتها ومجازها؛ لأنهم يقولون من أدرك الركعة من ابتدائها: فقد أدركَ، ضرورةً. ومن أدرك في أثنائها وآخر جزءٍ من انحناء الإمام: فقد أدركَ، فحملوا اللفظ على حقيقته ومجازه، وهو


(١) صحيح البخاري الأذان (٧٨٣)، سنن النسائي الإمامة (٨٧١)، سنن أبو داود الصلاة (٦٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٢).
(٢) صحيح البخاري الأذان (٧٨٣)، سنن النسائي الإمامة (٨٧١)، سنن أبو داود الصلاة (٦٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٢).
(٣) صحيح البخاري الأذان (٧٨٣)، سنن النسائي الإمامة (٨٧١)، سنن أبو داود الصلاة (٦٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٢).