ركعة فقد أَدْرَكَها» (١) وكذا قال الدارقطني والعقيلي، وأخرجه ابن خزيمة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:«من أَدْرَكَ ركعة من الصلاة فقد أَدْرَكَها قبل أن يقيم الإمام صلبه» وليس في ذلك دليل لمطلوبهم؛ لما عرفتَ من أنَّ مسمَّى الركعة: جميعُ أذكارها وأركانها حقيقة شرعية وعرفية، وهما مقدَّمتان على اللغوية كما تقرر في الأصول، فلا يصحُّ جَعْلُ حديثِ ابن خزيمة وما قَبْله قرينةً صارفةً عن المعنى الحقيقيِّ.
فإن قلتَ: فأيُّ فائدةٍ على هذا في التقييد بقوله: "قبل أن يقيم صلبه"؟.
قلتُ: دفعُ توهُّمِ أنَّ من دخل مع الإمام ثم قرأ الفاتحة وركع الإمام قبل فراغه منها غير ُدْركٍ.
إذا تقرر لك هذا، علمتَ أنَّ الواجب الحمل على الإدراك الكامل للركعة الحقيقية؛ لعدم وجود ما تحصل به البراءة من عهدة أدلة وجوب القيام القطعية وأدلة وجوب الفاتحة
وقد ذهب إلى هذا: بعضُ أهل الظاهر، وابنُ خزيمة، وأبو بكر الصِّبْغِيُّ، وروى ذلك ابنُ سيِّد النَّاس في ((شرح الترمذي)) وذكر فيه حاكيًا عمَّن روى عن ابن خزيمة أنه احتج لذلك بما روي عن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم- قال: «من أَدْرَكَ الإمام في
(١) صحيح البخاري مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ (٥٨٠)، صحيح مسلم الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلاَةِ (٦٠٧)، سنن الترمذي الْجُمُعَةِ (٥٢٤)، سنن النسائي الْمَوَاقِيتِ (٥٥٥)، سنن أبي داود الصَّلاَةِ (٨٩٣)، سنن ابن ماجه إِقَامَةِ الصَّلاَةِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا (١١٢٢)، مسند أحمد (٢/ ٢٨٠).