للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لا يطيقون، وفي ذلك رد صريح على من زعم خلاف ذلك.

والله تعالى أمرهم بعبادته، وضمن أرزاقهم، فكلفهم من الأعمال ما يسعونه، وأعطاهم من الرزق ما يسعهم، فتكليفهم يسعونه، وأرزاقهم تسعهم، فهم في الوُسْع في رزقه وأمره؛ وسعوا أمره؛ ووسعهم رزقه، ففرق بين ما يسع العبد وما يسعه العبد، وهذا هو اللائق برحمته وبره وإحسانه وحكمته وغناه، لا قول من يقول: إنه كلفهم ما لا قدرة لهم عليه البتة ولا يطيقونه، ثم يعذبهم على ما لا يعملونه".

ثم قال رحمه الله: "وتأمل قوله عز وجل: {إِلا وُسْعَهَا} كيف تجد تحته أنهم في سعة ومنحة من تكاليفه، لا في ضيق وحرج ومشقة؛ فإن الوسع يقتضي ذلك، فاقتضت الآية أنّ ما كلفهم به مقدور لهم من غير عسر لهم ولا ضيق ولا حرج، بخلاف ما يقدر عليه الشخص فإنه قد يكون مقدورا له ولكن فيه ضيق وحرج عليه، وأما وسعه الذي هو منه في سعة فهو دون مدى الطاقة والمجهود؛ بل لنفسه فيه مجال ومتسع، وذلك منافٍ للضيق والحرج {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، بل يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. قال سفيان بن عيينة في قوله: {إِلا وُسْعَهَا}: إلا يسرها لا عسرها، ولم يكلفها طاقتها، ولو كلفها