كتاب مجلة البحوث الإسلامية

معالم نقدية للعباد والصوفية - المبحث الثالث مسألة الشوق إلى لقاء الله تعالى - ج: 91 - ص: 147

قال ابن رجب: "فهؤلاء كلما أقلقهم الشوق سكنهم الأنس، والقرب، والمشاهدة، كما كان صلى الله عليه وسلم إذا ذكر له تركه الطعام والشراب، واجتهاده في الطاعات في الصيام يقول: «إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني» (١) (٢)

والطبقة الثانية: من أقلقه الشوق، ففني اصطباره، وأفضى به إلى القلق والأرق، فقل صبره عن طلب اللقاء، وتمنى الموت.

ومن هؤلاء من سيقت أقوالهم في أول المبحث، كابن أدهم، وأبي عتبة الخواص، ورابعة، وغيرهم.

وقد ذكر ابن رجب رحمه الله أن حكم تمني الموت راجع إلى دوافعه (٣) ويجوز عنده تمنيه شوقا إلى لقاء الله، لقوله تعالى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}،

---

(١) رواه البخاري بنحوه: كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو ١٢٤٧ رقم ٧٢٤١، ومسلم ٤٥٠ رقم ١١٠٤.
(٢) شرح حديث عمار (اللهم بعلمك الغيب) ضمن مجموع الرسائل ١/ ١٨٢. ') ">
(٣) يراجع: شرح حديث (لبيك اللهم لبيك) ضمن مجموع الرسائل ١/ ١١١ - ١١٢، ١٢٩، وشرح حديث عمار (اللهم بعلمك الغيب) ١٥٥ - ١٥٩.