للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسباب وصلتها بالتوكل، وعلاقة العبد بها، والناظر في جانبه التأصيلي للمسألة، وما نقله من نصوص وأقوال للأئمة يجدها واضحة الدلالة على أن ترك الأسباب ترك للتوكل، وما ساقه دليلا على أن للعبد أن يتوكل ويترك فعل السبب، فمحل تأمل:

فأما حديث: «لو أنكم توكلون على الله حق توكله؛ لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصا، وتروح بطانا» (١)، فهو دليل على أن التوكل يتطلب السعي وبذل السبب.

وأما قوله رحمه الله أن ما تقوم به الطير سعي يسير، فهو بالنسبة للطير غاية وسعها، وليس بعده سبب، وكما هو معلوم أن كل سبب بحسب صاحبه (٢)

وأما الاستدلال بقصة إبراهيم عليه السلام، وتركه لهاجر وابنها، وأن في هذا حجة لمن دخل المفازة بغير زاد.

فإن سياق القصة لا يدل على ذلك، فإن إبراهيم عليه السلام كما جاء في الخبر «وضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء» (٣) ثم بذل السبب الأعظم، وهو التوجه إلى ربه بالدعاء، فأين هذا ممن


(١) سنن الترمذي الزُّهْدِ (٢٣٤٤)، سنن ابن ماجه الزُّهْدِ (٤١٦٤)، مسند أحمد (١/ ٥٢).
(٢) ينظر: الجامع لشعب الإيمان ٢/ ٤٠٥. ') ">
(٣) رواه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) ٥٦١ رقم ٣٣٦٤.