كتاب مجلة البحوث الإسلامية

معالم نقدية للعباد والصوفية - المبحث الثامن التكلف في العبادة - ج: 91 - ص: 195

قال له: «ألم أخبر أنك تقوم الليل، وتصوم النهار"؟ قلت: إني لأفعل ذلك، قال: "فإنك إذا فعلت هجمت عينك، ونفهت نفسك، وإن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فصم وأفطر، وقم ونم» (١)

ولما بلغه صلى الله عليه وسلم عن بعض أصحابه أنه قال: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الآخر منهم: أنا أقوم ولا أنام، وقال آخر منهم: أنا لا أتزوج النساء، فخطب، وقال: «ما بال رجال يقولون كذا وكذا، لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وآكل اللحم، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٢)

والحاصل مما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن التعسير، ويأمر بالتيسير، ودينه بعث باليسر (٣)

والأصل الجامع أن الاقتصاد في الأمور كلها حسن حتى في العبادة، ولهذا نهي عن التشديد في العبادة على النفس، وأمر بالاقتصاد فيها، والأخذ منه بما يتمكن صاحبه من المداومة عليه،

---

(١) رواه البخاري: كتاب التهجد ١٨٤ رقم ١١٥٣، ومسلم ٤٧٥ رقم ٢٧٣٨.
(٢) رواه البخاري: كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح ٩٠٦ رقم ٥٠٦٣، ومسلم ٥٨٦ رقم ٣٤٠٣.
(٣) ينظر: لطائف المعارف ٤٤٨. ') ">