للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل (١)

ثم إن الاقتصاد في العبادة هو الموافق لطبيعة الإنسان، فإن "الله تعالى خلق ابن آدم محتاجا إلى ما يقوم به بدنه، من مأكل، ومشرب، ومنكح، وملبس، وأباح له من ذلك كله ما هو طيب حلال، تقوى به النفس، ويصح به الجسد، ويتعاونان على طاعة الله عز وجل، وحرم من ذلك ما هو ضار خبيث؛ يوجب للنفس طغيانها، وعماها، وقسوتها، وغفلتها، وأشرها، وبطرها، فمن أطاع نفسه في تناول ما تشتهيه مما حرمه الله عليه، فقد تعدى وطغى، وظلم نفسه، ومن منعها حقها من المباح حتى تضررت بذلك، فقد ظلمها، ومنعها حقها، فإن كان ذلك سببا لضعفها وعجزها عن أداء شيء من فرائض الله عليه، ومن حقوق الله عز وجل، أو حقوق عباده، كان بذلك عاصيا، وإن كان ذلك سببا للعجز عن نوافل هي أفضل مما فعله كان بذلك مفرطا، مغبونا، خاسرا" (٢)

وإذ تمهدت تلك الأصول بأدلتها، فإنه ينهار أمامها كل


(١) ينظر: شرح حديث عمار (اللهم بعلمك الغيب) ضمن مجموع الرسائل ١/ ١٦٩، وفتح الباري ١/ ١٥٠، وحديث (أحب العمل ما داوم عليه صاحبه وإن قل) عند البخاري: كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله أدومه رقم ١٠ رقم ٤٣، ومسلم واللفظ له ٣١٨ - ٣١٩ رقم ١٨٣٤.
(٢) لطائف المعارف ٤٤٦ - ٤٤٧. ') ">