للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (١) ومسألة العينة غير جائزة عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم، وهو المأثور عن الصحابة كعائشة وابن عباس وأنس بن مالك. اهـ.

وأجازها الشافعي وأصحابه (٢) أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد وأبي هريرة: «بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا (٣)»، والجمع هو التمر الرديء، وقيل: هو التمر المجموع من أنواع مختلفة، والجنيب هو التمر الجيد (٤)، ووجه الاستدلال أنه لم يخص بقوله: ثم اشتر بالدراهم جنيبا غير الذي باع له الجمع، واستدلوا بالاتفاق على أن من باع السلعة التي اشتراها ممن اشتراها منه بعد مدة فالبيع صحيح، فلا فرق بين التعجيل في ذلك والتأجيل، فيدل على أن المعتبر في ذلك وجود شرط في أصل العقد وعدمه فإن تشارطا على ذلك في نفس العقد فهو باطل (٥)، وطرحوا الأحاديث الواردة في تحريم العينة (٦)، قال الصنعاني: (٧) ولعلهم يقولون حديث العينة فيه مقال فلا ينتهض دليلا على التحريم.

والحق ما ذهب إليه الأكثر من تحريم بيع العينة، ويجاب عن استدلال المخالفين بحديث أبي سعيد وأبي هريرة بأنه عام فيخصص بأحاديث تحريم بيع العينة أو بأنه مطلق يجب تقييده بالأدلة الدالة على وجوب سد الذرائع، ويجاب عن الاستدلال الثاني بأنه إن صح ما ادعوه من الاتفاق على جواز بيع السلعة من بائعها الأول بعد مدة - أي بعد قبضه ثمنها - فلا نسلم قياس ما قبل القبض على ما بعده؛ لأنه قياس في مقابلة نص فلا يصح، ويجاب عن طرحهم الاستدلال بأحاديث تحريم العينة لضعفها عندهم بأنها أحاديث يقوي بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض فيحصل من مجموعها الدلالة الواضحة على تحريم العينة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٨): فهذه أربعة أحاديث تبين أن


(١) مجموع الفتاوى ص٤٤٦ج ٢٩.
(٢) نيل الأوطار ص ٢٢٠ ج ٥، وشرح النووي على صحيح مسلم ١١/ ٢١.
(٣) صحيح البخاري البيوع (٢٢٠٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٣)، سنن النسائي البيوع (٤٥٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٦٠)، موطأ مالك البيوع (١٣١٤)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٧٧).
(٤) انظر سبل السلام ص٩ ج ٣.
(٥) فتح الباري ص٤٠١ ج ٤.
(٦) نيل الأوطار ص٢٢٠ ج ٥.
(٧) سبل السلام ص ١٤ - ١٥ ج ٣.
(٨) مجموع الفتاوى الكبرى ص ١٣٥ - ١٣٦ ج ٣.