الأولى: قضية الرزق: فيقول لهم ربهم: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} ويقول لهم: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} ويحكي لهم أنموذجًا من رزقه عباده ليس كأي أنموذج، فهذا إبراهيم تبشره رسل ربه بغلام عليم من امرأته العجوز العقيم، فتأمل أي طمأنينة تبثها هؤلاء الآيات للثقة برزق الله وسكون النفس بها، حتى تهيأ الحال لأن يخبرهم سبحانه أن من صفات المتقين الموعودين بالنعيم في الآخرة أن يتقربوا إلى الله بحق في أموالهم للسائل والمحروم شأن من لا يخشى الفقر، لا كهيئة المشرك القلق المتوتر الضنك الذي يمنع الحق من ماله خشية الفقر.
الثانية: قضية تقليد الآباء وحفظ إرثهم: فيذكر لهم ربهم قصة قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وآل فرعون وما حل بهم من عقوبات فهؤلاء آباؤهم الأوائل وأصحابهم في المنهج الذي هم عليه من الشرك بالله لم ينفعهم شركهم ولا آلهتهم شيئًا حين تعصبوا لها وتمسكوا بها فلم تغن عنهم من الله شيئًا.
وبعد هذه اللفتة التربوية البديعة يأتي عرض الذكرى، وهي ذكرى ليس إلا، إذ لا جديد فيها عليهم، فهم مفطرون على معرفتها وأحكام هذه المعرفة ولكنهم مأفوكون عنها، ولذلك قال:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} أي العارفين ربهم الموقنين به