للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستحضرين ربوبيته الذين لم يؤفكوا عن لازم ما يعرفون.

وموضوع هذه الذكرى هو: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له وإفراده بالقربات والعبودية وعدم اتخاذ إله آخر معه قط.

وقد ابتدأ سبحانه في عرض الذكرى بإقامة الحجة والدليل والبرهان لموضوعها ثم أمر به، فقال: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فذكر حجة استحقاقه الإفراد بالعبادة، فذكر ربوبيته الشاملة العامة التي انفرد بها بلا شريك، فذكر خلقه للسماء والأرض وكل شيء ثم قال {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي هذه حجتنا نذكركم بها لعلكم ترجعون لما تقتضيه فطرتكم وعقولكم من أنه لا يستحق العبادة إلا الرب الذي خلق؛ ولذلك أمر عقب ذلك مباشرة بلازم هذه الحجة ومدلولها فقال: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} وقال: فروا ولم يقل: اعبدوا؛ لأنه أراد منهم تحقيق إفراده بالعبودية بالانعتاق من عبادة غيره إلى عبادته وحده؛ ولذا أكد معنى الفرار بقوله عقبه: {وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} وفي سياق عرض الذكرى ورد قوله سبحانه في الآية التي ندرسها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} وفيه الحجة ومطلوبها والدليل ومدلوله.