للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله: {خَلَقْتُ} هو الحجة والبرهان وقوله {لِيَعْبُدُونِ} هو المطلوب والمدلول. فإن انتفعوا بهذه الذكرى، وعبدوا ربهم وحده لا شريك له فقد أدوا ما خلقوا له، وإن لم ينتفعوا وبقوا على شركهم فقد خالفوا ما يجب أن يقع منهم - وهذه علاقة خاصة للآية بالآيات القريبة منها في السورة، في شأن عرض الذكرى على المخاطبين، ولها علاقة بعموم السورة يأتي ذكرها قريبًا -.

ثم بعد عرض الذكرى بحجتها الدامغة التي لا دافع لها والموجبة للانتفاع والاهتداء، يشخص الرب سبحانه حالهم إن لم ينتفعوا بها في أمرين: الأول: أن هذه طريقة المكذبين المعاندين من قبل، الذين عوقبوا، لم ينتفعوا. الثاني: أنه لا حجة لهم يدافعون بها الحجة القائمة وإنما عندهم مجرد القذف والشتم والإفك والعدوان شأن الخلي من حجة إذا قامت عليه الحجة، كما عند المكذبين قبلهم، كأن بعضهم أوصى بعضًا بهذا، قال سبحانه: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ} ثم أعلن سبحانه نتيجة التشخيص وحقيقة حالهم: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} أي: متعدون طغاة عن أمر ربهم؛ غطاهم العصيان فلا يأتمرون بأمر ربهم ولا ينتهون عن نهيه متجاوزين الحد في ذلك (١) (٢)


(١) انظر تفسير الطبري، ٢٧/ ٦.
(٢) انظر تفسير الطبري، ٢٧/ ٦. ') ">