للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخلقهم شعوبًا ليتعارفوا فيهتدي العاصي فيهم بالطائع ويأمر بعضهم بعضًا بالتقوى ولذلك قال بعد قوله: {لِتَعَارَفُوا}: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} فالأعبد لله هو الأتم حالاً الذي يقتضي معرفته الاقتداء به (١)

وخلق سبحانه عيسى؛ ليكون آية للناس، فتتم الحجة عليهم بتمام ربوبيته ووجوب لازمها من أن يعبدوه، فهو آية وعلامة على حقه عليهم سبحانه، فلو لم يكن خلقهم لعبادته لما احتاج الأمر إلزامهم حجة يقيمها عليهم، لا يكون لهم معها مخالفة أمره.

وقد كتب الشيخ محمد الأمين الشنقيطي تنبيهًا لطيفًا في اختلاف المذكور في آيات الكتاب في الحكمة من خلق الخلق، وبين أنه لا يخالف بعضها بعضًا، بل بعضها مرتب على بعض (٢)

هذا، وللقصر الذي ركبت الآية عليه دلالة بليغة على أن الواجب على العبد الاشتغال بطاعة الله وحده، فلا يكون منه قصد إلا وجه الله ولا عمل إلا بشرع الله، فيكون هذا دأبه في الحياة في سائر حركته فيها، كل حركة منه عبادة لله، حتى سعيه في مناكب الأرض، لا يكون


(١) انظر التفسير الكبير للرازي ٢٧/ ٢٣٣. ') ">
(٢) أضواء البيان ٧/ ٦٧٤ - ٦٧٧. ') ">