للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا عبادة منه لله وطاعة لأمره، لا انشغالاً بالرزق فقد قال: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} أي ما أريد منهم أن يرزقوا أنفسهم ويطعموا أنفسهم، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما (١)؛ ولذلك قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} فسعيهم لطلب الرزق طاعة لله في قوله: {فَامْشُوا} ولكنهم ليسوا هم من سخر الأرض للغرس والبناء، وأنواع الحاجات بل هو أذلها لهم، ثم ما يحصل لهم من رزق بسعيهم هو رزقه إياهم، لا رزقهم أنفسهم، فالانشغال بالرزق لا يجتمع مع الانشغال بالعبادة، كما ورد في الحديث القدسي، قال الله: «ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك وإلا تفعل، ملأت صدرك شغلاً، ولم أسد فقرك» (٢) وهذا معنى ما يروى «يا ابن آدم خلقت كل شيء لك، وخلقتك لي، فبحقي


(١) انظر تفسير الطبري ٢٧/ ٨، وانظر زاد المسير ٨/ ٤٣. ') ">
(٢) أخرجه أحمد ١٤/ ٣٢١ رقم ٨٦٩٦، والترمذي ٤/ ٥٥٤ رقم ٢٤٦٦، وابن ماجه ٢/ ١٣٧٦ رقم ١٣٧٦، وصححه ابن حبان - الإحسان ١/ ٣٠٦ رقم ٣٩٤، والحاكم ٢/ ٤٤٣.