من الله، ولا مراقبة لأمر الله، وإنما يستحسنون ما يمليه عليهم الهوى فيطعنون في الأمة إما بعلمائها، وإما في قيادتها ليجدوا متنفسًا لهم بما امتلأت به قلوبهم من الخبث والبلاء، والعداء لله ولرسوله ودينه، إن المؤمن قوي الثقة بالله، ثم قوي الثقة بنفسه وبإيمانه بالله، وتمسكه بشرع الله، ثم هو أيضًا قوي الثقة بولاة مره الذين حكموا شرع الله، وأقاموا دولتهم على حكم الله، فيعلم أن هذه النعمة فضل من الله لا تدوم إلا بشكرها والثبات على دين الله وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر، فيسعى في جمع الكلمة، يحذر من الفرقة والاختلاف ولذلك يقول نبينا صلى الله عليه وسلم «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»(١) فالمقصود أنه يجب على المسلم أن يفحص في قلبه محبة ولاة أمره، وليس محبته لهم أن يبغضهم لخطأ قد يكون غير مقصود، فالخطأ ليس أحد معصومًا منه، لكن لا يفرح بالخطأ، ولا بالنقص، بل هو يعد لهم الحسنات، ويدعو إلى الخير، وينصح في سبيل إصلاح الأمة ونصرتها.
إن دأب المنافقين ومن في قلبه مرض السعي إلى شق عصا الطاعة وتفريق الأمة، وتشتيت شملها، وإحداث العداوة والبغضاء بين أفرادها، وبين قيمها، قال الله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا}
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما برقم (١٨٥١).