أيها المسلم كل قول يبلغك فمحص هذا القول، واعرضه على العقل، وزنه بميزان العدل، فإن يكن حقًا فهذا ينبغي نشره، وإن يكن باطلاً فإنه يجب رده وعدم الخوض فيه، والتحدث الخطير في القضايا المصيرية ليس لكل أحد من الناس، فنحن في زمن كل يريد أن يكون مناقشًا، ومحللاً، ومعطيًا جوابًا وهو لا يدرك حقيقة تلك القضايا التي يناقشها ويتكلم فيها، ولا يتصورها التصور الصحيح والواجب أن ترد إلى من جعلهم الله أهلاً لهذه المهمات، ولذلك قال الله تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} الآية، فقضايا الأمة المصيرية إنما مرجعها إلى العقول النيرة، والأفكار الناضجة، والعقول المستقيمة، وذوي الرأي وأولي الأمر الذي هيأهم الله لهذه المهمات وأناط بهم تلك المسؤوليات {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} الآية.
وأما أن يكون كل واحد يتحدث، أو يناقش، أو يعطي تحليلاً وجوابًا في أمور لا يدري عن فحواها، ومصدرها، وأبعادها فذلك خطأ، وذلك أن السياسة الدولية فيها من التذبذب والتناقض ما الله به عليم، فليس لها وجه صحيح، تراها اليوم بوجه، وغدًا تراها بوجه آخر، وتراها بأسلوب ولها أسلوب آخر، ومغزى لا يخطر على بالك، فهي ألعوبة دولية ينظمها ويخطط لها من يحبون الإفساد