للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدَّر الله سبحانه وتعالى المقدورات بها، وجرت سنته في خَلقه بذلك، فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعةٌ له، والتوكل بالقلب عليه إيمان به، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}، وقال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}، وقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}] (١) وتأثير الصدق في التوكل من جانب آخر، يظهر في عدم الاعتماد على الأسباب، من الأعمال والآلات والأشخاص، فالمؤمن المتوكل الصادق لا يعتمد عليها اعتمادًا كليًا في تحقيق النتائج، بل يأخذ بها ويتصل بالآخرين، ويخطط ويبرمج وينظم ويجتهد، ولكن قلبه متصل بالله تعالى، فهو قد اعتمد على الله تعالى وحده، وركن إليه سبحانه في تحقيق النتائج، ثم يقبل ما يُقَدّرُه الله تعالى برضا واطمئنان، فذلك هو التوكل الصادق (٢) لأن سنة الله تعالى في الحياة جَرَت بترتيب النتائج على


(١) جامع العلوم والحكم: ٢/ ٥٥٥، ٥٥٦. ') ">
(٢) الصدق في القرآن الكريم (١٧٦). ') ">