للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان سبب قتاله طلب إعلاء كلمة الله فقط، بمعنى أنه لو أضاف إلى ذلك سببا من الأسباب المذكورة أخلّ بذلك. ويحتمل ألا يخل إذا حصل ضٍمْنًا لا أصلا أو مقصودا، وبذلك صرح الطبري، فقال: " إذا كان أصل الاعث هو الأول لا يضره ما عرض له بعد ذلك "، وبذلك قال الجمهور.

لكن روى أبو داود والنسائي (١) من حديث أبي أمامة بإسناد جيد قال: «جاء رجل فقال يا رسول الله: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذِّكر، ما له؟ قال: " لا شيء له " فأعادها ثلاثا كل ذلك يقول: " لا شيء له "، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه» (٢).

ويمكن أن يحمل هذا على من قصد الأمرين معا على حد واحد، فلا يخالف المرجح ...

والمطلوب: أن يقصد الإعلاء صرفا، وقد يحصل غير الإعلاء وقد لا يحصل، ففيه مرتبتان أيضا. قال ابن أبي جمرة: " ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره


(١) الحديث جاء عند النسائي كما سبق تخريجه قريبا، ولم أجده في سنن أبي داود، ولم أجد من عزاه لأبي داود في الكتب الجامعة لمرويات السنة، كجامع الأصول لابن الأثير، والجامع الكبير للسيوطي.
(٢) سنن النسائي الْجِهَادِ (٣١٤٠).