للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قواعده ومنطلقاته التي لم يُعرف لها مثيل قبل الإسلام، فهي ليست موغلة في المثالية لدرجة تصل إلى السلبية، وليست بشديدة شرسة لا ترحم النفس الإنسانية.

وقبل الحديث عن الخيارات الحربية الإسلامية؛ نُذكّر هنا أن الحرب خيار مكروه في الإسلام، وهو مكروه من طبيعة النفس البشرية، خاصة إن كانت في حالة الضعف والخوف، كما أخبر القرآن بذلك: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} البقرة: ٢١٦

لذا فإن البعض يظن أن الحرب الإسلامية مبنية على طبيعة إسلامية في حب القتال، لكن عندما نتأمل الهدي النبوي نلاحظ خلاف ذلك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية» (١)

قال النووي: (إنما نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفس، والوثوق بالقوة، وهو نوع بغي، وقد ضمن الله تعالى لمن بُغي عليه أن ينصره. ولأنه يتضمن قلة الاهتمام العدو واحتقاره، وهذا يخالف الاحتياط والحزم. وتأوله بعضهم على النهي عن التمني في صورة خاصة وهي إذا شك في المصلحة فيه


(١) سبق تخريجه وهو في الصحيحين.