للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويذكر مؤرخو المسلمين القدماء تطبيقا لقضية الدعوة قبل القتال، إذ ذكر المؤرخ " البلاذري " أنه لما استُخلف الخليفة الأموي العادل: عمر بن عبد العزيز، وفد عليه قوم من أهل سمرقند من بلاد المشرق، فرفعوا إليه أن " قتيبة " دخل مدينتهم وأسكنها المسلمين على غدر، [أي من غير دعوة]، فكتب عمر إلى عامله يأمره أن ينصب لهم قاضيا ينظر فيما ذكروا، فإن قضى بإخراج المسلمين أُخرجوا، فنصب لهم قاضيا مسلما، فحكم بإخراج المسلمين على أن ينابذوهم على سواء [أي إشعارهم بأن لا عهد بينهم]، فكره أهل مدينة سمرقند الحرب، وأقروا المسلمين فأقاموا بين أظهرهم) (١)

ولقد سجلت دواوين السنة النبوية حادثة تدفع المسلم لأخذ الحيطة والحذر الشديد في الحرب، وهي القصة التي يحكيها أسامة بن زيد رضي الله عنه عن نفسه فيقول: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ... فأدركت رجلاً فقال: لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله: " أقال لا إله إلا الله وقتلته"؟ قال قلت يا رسول الله: إنما قالها خوفًا من السلاح. قال: " أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا "، فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ» (٢).

قال سعد [بن أبي وقاص]: وأنا والله لا أقتل مسلمًا حتى يقتله


(١) فتوح البلدان، البلاذري، ص٤١١. ') ">
(٢) صحيح مسلم الْإِيمَانِ (٩٦)، سنن أبي داود الْجِهَادِ (٢٦٤٣).