للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذو البطين -يعني أسامة - فقال رجل: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} البقرة: ١٩٣؟ فقال سعد: قد قاتلنا حتى لا تكون فتنة، وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة) (١)

ويأتي المقداد بن الأسود - وهو الذي سمع عن تشديد نبيه صلى الله عليه وسلم في مسائل قتل الأنفس - فيسأله: «أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله، أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال صلى الله عليه وسلم " لا تقتله"، فقلت يا رسول الله: إنه قد قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها، أفأقتله؟ قال صلى الله عليه وسلم:"لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» (٢)

لقد كان المغزى المهم في حروب محمد صلى الله عليه وسلم هو أن يقول الناس: لا إله إلا الله، وهذا يظهر واضحا في أنه لم يُرد ملكا سياسيا، يفاخر به الملوك. فقد كان متواضعا جدا على عظمة ملكه، ويتحدث في ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن حالة معيشة رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ... وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة .. فرأيت أثر الحصير في جنبه، فبكيت، فقال صلى الله عليه وسلم:"ما يبكيك"؟ فقلت يا رسول الله:


(١) صحيح البخاري (٦٤٧٨)، صحيح مسلم (٩٦). وذو البطين: هو أسامة لكبر بطنه. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ٢/ ١٠٤.
(٢) صحيح مسلم (٥٩).