للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل الذمة (١)

وهذا الأحكام ليست مسألة نظرية لم يكن لها تطبيق على الواقع، بل إن غالب هذه الأحكام عُرفت من خلال تطبيقات المسلمين لها في فتوحاتهم، نظرا لكونها أوامر شرعية في دين المسلمين، وليست منهجا سياسيا محضا.

ومما يؤكد هذا المنهج الإسلامي؛ أن المسلمين في عصر الخلفاء الراشدين - والذين يمثلون المنهج الإسلامي الذي جاء به نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم - كانوا يُوصون بأهل الذمة خيرا نظرا لما التزم به المسلمون من حمايتهم، وفي هذا نجد الخليفة الثاني من خلفاء الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصي من سيكون خليفة بعده، وذلك في مرض موته، بقوله: (وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من وراءهم، وألاّ يكلَّفوا فوق طاقتهم) (٢)

وبهذه السياسة سار الفاتحون، وعلموا أن إعطاء الجزية له ضريبته على المسلمين، ولقد سجلت معاهدات المسلمين في ذلك أشياء غريبة جدا، لا يمكن توقُّع كونها بين جيش مهزوم وجيش منتصر. ومن ذلك قول الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه في صلحه مع


(١) راجع: دواعي الفتوحات الإسلامية ودعاوى المستشرقين، جميل المصري، ص ٨٣. ') ">
(٢) صحيح البخاري (١٣٢٨). ') ">