للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل الحيرة من المسيحيين: (إني عاهدتكم على الجزية والمنعة ... فإن منعناكم فلنا الجزية، وإلا فلا، حتى نمنعكم) (١)

ولما انسحب المسلمون من مدينة" حمص " في فتوحات الشام، وكانت الحرب آنذاك مع القوات الرومية صاحبة القوة العسكرية، قام المسلمون بمبادرة هي أغرب ما تكون في العمليات العسكرية، فقد أعادوا الجزية لأهل حمص، مخالفين بذلك كل ما يتوقع الناس من جند ينسحب من مدينة، ووقف أهلها مشدودين لذلك، فبين المسلمون لهم الأمر، وقالوا: (شُغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم، فأنتم على أمركم. فقال أهل حمص: لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم) (٢)

وهذا ما تتابع على ذكره فقهاء الإسلام، وقاموا بالدعوة إليه وتطبيقه.

إن هذه الجزية التي فرضها المسلمون لم تكن أمرا يشق على غير المسلمين، حيث إنها بديل عن الدفاع عنهم (حسب رأي بعض الفقهاء)، ولذا فقد كان المسلمون أحيانا في فتوحاتهم يُسقطونها فيما لو حارب أهل تلك البلاد مع المسلمين ضد أعدائهم، كما فعل " عتبة بن فرقد " مع أهل أذربيجان في معاهدته معهم، حيث قال: (هذا ما


(١) تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك) ٢/ ٣١٩. ') ">
(٢) فتوح البلدان، البلاذري ص ١٤٣. ') ">