للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلها له بالإسلام، ولهذا لم يأخذها من اليهود الذين حاربوه؛ لأنها لم تكن نزلت بعد، فلما نزلت أخذها من نصارى العرب ومن المجوس، ولو بقي حينئذ أحد من عبدة الأوثان بذَلَها لقبلها منه كما قبلها من عبدة الصلبان والنيران، ولا فرق ولا تأثير لتغليظ كفر بعض الطوائف على بعض.

ثم إن كفر عبدة الأوثان ليس أغلظ من كفر المجوس، وأي فرق بين عبدة الأوثان والنيران، بل كفار المجوس أغلظ، وعباد الأوثان كانوا يقرّون بتوحيد الربوبية وأنه لا خالق إلا الله، وأنهم إنما يعبدون آلهتهم لتقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يكونوا يقرون بصانعين للعالم أحدهما خالق للخير، والآخر للشر، كما يقوله المجوس، ولم يكونوا يستحلون نكاح الأمهات والبنات والأخوات، وكانوا على بقايا من دين إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه.

وأما المجوس فلم يكونوا على كتاب أصلا، ولا دانوا بدين أحد من الأنبياء لا في عقائدهم ولا في شرائعهم، والأثر الذي فيه أنه كان لهم كتاب فرفع ورفعت شريعتهم لما وقع ملكهم على ابنته لا يصح البتّة، وو صح لم يكونوا بذلك من أهل الكتاب، فإن كتابهم رفع وشريعتهم بطلت، فلم يبقوا على شيء منها.

ومعلوم أن العرب كانوا على دين إبراهيم عليه السلام، وكانت له صحف وشريعة، وليس تغيير عبدة الأوثان لدين إبراهيم عليه السلام وشريعته بأعظم من تغيير المجوس لدين نبيهم وكتابهم، لو صح فإنه