للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حال الفتوحات في الدولة الإسلامية الأولى مُطبقا لهذه المبادئ بشكل تام، وكانوا على قدر كبير من الحرص على سلامة الشعوب. فعن الأسود بن سريع قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت معه، فأصبت ظهرا، فقتل الناس يومئذ، حتى قتلوا الولدان - وقال مرة: الذرية - فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما بال أقوام جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية "، فقال رجل: يا رسول الله إنما هم أولاد المشركين، فقال: " ألا إن خياركم أبناء المشركين. ثم قال: ألا لا تقتلوا ذرية، ألا لا تقتلوا ذرية» (١)

وهذا ما تمثله خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولهم أبو بكر الصديق، والذي كان يوصي قائد جيشه: « .. إني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكله، ولا تحرقن نخلا ولا تفرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن» (٢)

لقد كانت هذه التعاليم واضحة تماما في أذهان المسلمين عند قتالهم لأي عدو لهم، وكما هو واضح من النصوص السابقة أنه عندما


(١) سنن النسائي الكبرى (٨٦١٦)، مسند أحمد بن حنبل ٣/ ٤٣٥ واللفظ له، وصححه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ووافقه الذهبي (٢٥٦٦).
(٢) موطأ مالك (٩٦٥). وسند هذا الأثر ضعيف لإرساله، ولكن معناه روي من عدة طرق. راجع: نيل الأوطار للشوكاني ٨/ ٧٥.