فالعقيدة حين تثبت في قلب المؤمن تحمله على الثبات في تطبيقها وحمايتها حتى ولو كلفته حياته.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فما ساوم على عقيدته، ولا هان فيها، ولا تنازل عن جزء منها، مهما كانت المغريات أو قوة التهديد والقدرة على إنفاذه وقال حين ساومه المشركون على حياته وأرسلوا له تهديدا علي لسان عمه أبى طالب قال قولته المشهورة:«يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته»(١)
ومن ثباته صلى الله عليه وسلم على عقيدته وعدم قبول المساومة عليها مهما كانت قوة المغريات ما ورد في السيرة عن مجيء أسياد قريش له صلى الله عليه وسلم قائلين له " فَإِنْ كُنْتَ إنّمَا جِئْتَ بِهَذَا الْحَدِيثِ تَطْلُبُ بِهِ مَالاً جَمَعْنَا لَك مِنْ أَمْوَالِنَا حَتّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالاً، وَإِنْ كُنْتَ إنّمَا تَطْلُبُ بِهِ الشّرَفَ فِينَا، فَنَحْنُ نُسَوّدُك عَلَيْنَا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلْكًا مَلّكْنَاك عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الّذِي يَأْتِيك رِئْيًا تَرَاهُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْك - وَكَانُوا يُسَمّونَ التّابِعَ مِنْ الْجِنّ رِئْيًا - فَرُبّمَا كَانَ ذَلِكَ بَذَلْنَا لَك أَمْوَالَنَا فِي طَلَبِ الطّبّ لَك حَتّى نُبْرِئَك مِنْهُ أَوْ نُعْذِرَ فِيك. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله - صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ -: «مَا بي مَا تَقُولُونَ
(١) السيرة النبوية للإمام أبى الفداء إسماعيل بن كثير ١/ ٤٧٤ - تحقيق مصطفى عبد الواحد- ١٣٩٦ هـ - ١٩٧١ م دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع.