للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا جِئْتُ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُبُ أَمْوَالَكُمْ وَلاَ الشّرَفَ فِيكُمْ وَلاَ الْمُلْكَ عَلَيْكُمْ وَلَكِنّ اللهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ رَسُولاً، وَأَنْزَلَ عَلَيّ كِتَابًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَبَلّغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبّي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظّكُمْ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِنّ تَرُدّوهُ عَلَيّ أَصْبِرْ لِأَمْرِ اللهِ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» أَوْ كَمَا قَالَ - صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ (١)

وقد ورّث النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الثبات على العقيدة لأصحابه الكرام فصانوا عقيدتهم ولم يميلوا عنها ولم يبدلوا، وما رضوا في يوم من الأيام أن يحيدوا لأفكار أعدائهم، أو أن يكونوا سهمًا في أيدي أعداء الإسلام يرموه في نحر الأمة الإسلامية.

ولعل من أظهر الأمثلة على ذلك كعب بن مالك رضي الله عنه وكان من المخلفين عن غزوة تبوك، وامتنع الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة عن كلامهم، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وأراد أعداء الإسلام استغلال الفرصة واستمالة كعب رضي الله عنه فكرياً؛ لينالوا به من الإسلام والمسلمين، يقول كعب بن مالك ": وبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط أهل الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدلني على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع إلي كتابا من ملك غسان في سرقة من حرير فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغني أن


(١) السيرة النبوية لابن كثير - ١/ ٤٧٩ ') ">